الصفحة الرئيسية   الأخبار الإعلامية  
كلمة السيد وزير التعليم العالي في المؤتمر الرابع حول آفاق البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في الوطن العربي
الثلاثاء, 12 كانون الأول, 2006

السيدة الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية ممثل السيد الرئيس بشار الأسد راعي المؤتمر

الرفاق أعضاء القيادة القطرية

زملائي السادة الوزراء

السادة الباحثين وأعضاء الهيئة التدريسية

يسعدني أن أرحبَ بكم ونحن نفتتحُ هذا المؤتمرَ العلميَّ العربيَّ المتميّز، حول آفاقِ البحثِ العلمي والتطويرِ التكنولوجي في الوطن العربي ، وهو المؤتمرُ الرابعُ من المؤتمرات التي دأبتْ على إقامتها وتنظيمِها المؤسسةُ العربيةُ للعلوم والتكنولوجيا ، ضمن نشاطاتها المتعددة التي تهدفُ إلى دعم النشاط العلمي والتكنولوجي العربي التعاوني ، والذي تشاركُ فيه وزارة التعليم العالي والجامعاتُ والهيئاتُ والمراكزُ البحثيةُ في سورية ، هادفين منه إلى تنشيط البحثِ العلمي والتطويرِ التكنولوجي ، بُغيةَ النهوضِ بالمستوى المعرفي في المجتمعاتِ العربية ، بما يخدمُ خططَ التنميةِ المستدامةِ في الوطن العربي ،

كما يهدفُ هذا المؤتمر إلى تقييم الأداءِ العلميِّ للمجتمع العربي ، وتشخيصِ نقاطِ الضعفِ فيه ، واقتراحِ الحلولِ المناسبة لها ، وإلى التوجيهِ نحو الاستثمارِ الأمثلِ في مجالِ العلومِ والتكنولوجيا ، وتشجيعِ البحثِ العلمي التخصصي لدى الباحثين العرب ، وتعريفِهم بما وصل إليه العلمُ من مستجداتٍ، لنستطيعَ مواكبةَ النهضةِ العلميةِ العالمية للاستفادةِ منها والعملِ من خلالها .

ويأتي انعقادُ هذا المؤتمرِ منسجماً مع استراتيجيتنا في التعليم العالي لتطويرِ البحثِ العلمي ، وتعزيزِ بُناه وتأمينِ مستلزماتِه ، وتنميةِ الكفاءاتِ العلميةِ المناسبة وتأهيلِها ، لتكونَ الأقدرَ على العملِ وفقَ متطلباتِ التنميةِ الوطنيةِ واحتياجاتِ المجتمعِ وسوقِ العمل ، وهو ما أكدتْه الخطةُ الخمسيةُ العاشرة ، وما تسعى إلى تحقيقِه الحكومةُ في جميعِ مشاريعها وسياساتها التنموية .

أيتها السيدات ، أيها السادة :

إن ما وصل إليه العالم اليوم من تقدم علمي هائل ، وتطورٍ معرفي وثقافي بارز ، لم يكن طفرةً طارئةً على العلم ، بل جاء نتيجةَ جهودٍ علميةٍ كثيفة ، وتراكمٍ معرفي ومستمر عَبرَ التاريخ ، أدى إلى هذا التطورِ الباهر ، وقد أسهمت أمتُنا العربيةُ في هذا الإرث العلمي والحضاري  ، وقدمت للبشرية زاداً لا ينضبُ من العلوم والمعارف ، ووضعتِ العالمَ على الطريق القويم ، وقرنتِ العلمَ بالقيم الساميةِ والأخلاقِ الحميدة ، وأشاعت مفاهيمَ التعاون والتآلف  ، ومبادئَ المحبةِ والتسامحِ ، فأنتجت حضارةً إنسانيةً متميزةً ، انتشرت فوق بقاعِ الأرضِ المعروفة ، وألهمتِ العالمَ أسسَ التفكيرِ العلمي ، وألهبت كوامنَ الموهبةِ والإبداع ، فالعرب منذ عصورِ الجاهليةِ ، تأملوا في مواقعِ الفلكِ والنجومِ ، واهتدوا بها عند السيرِ في بواديهم وصحراواتهم ، وامتزجَ علمُهم وخبرتُهم مع علومِ الأمم التي دخلت في الإسلام ، فكانتِ الابتكاراتُ التي أسست ومهّدت لجميعِ العلوم من بعد ، فمَن ينكرُ فضلَ ابنِ سينا وابنِ النفيسِ والزُّهري في الطب ، وجهودَ ابنِ حيانَ في الكيمياء، وأثر الخوارزمي في الرياضياتِ ، فالخوارزميةُ هي إحدى الأسسِ التي أسهمت في إنتاج المعلوماتية اليوم ، كما لا ينكر أحدٌ علمَ ابنِ خلدونِ في الدراساتِ الاجتماعية ، وغيرَ ذلك من علومِ الاصطرلاب والفلسفةِ وما إليها . وإذا كنا نذكرُ ذلك فإننا لا نقصدُ أن نعيشَ على أمجادِه ، وإنما ليكونَ حافزاً لنا على المشاركةِ الفاعلة في التطورِ العالمي اليوم ، لأننا نرتكزُ على تراثِ علميٍّ ومعرفيٍّ قويٍّ ، يُعيننا على تجاوزِ حالةِ الضعفِ التي نحن فيها ، وعلى الانطلاقِ نحو آفاقِ النهضةِ والتقدم .

إن ما نراه في سياسات بعض الدول من تسخير العقل البشري والتقدم التكنولوجي ليكون أداة قتل وتدمير وقهر للشعوب واعتداء على حقوقها وقيمها يتنافى ومبادئ العلم والإنسانية والسلام .

إن ما يحصل في العالم لهو خلق فوضى مفتعلة ومحاولة لفرض أنظمة سياسية جائرة، وتنفيذ أجندة أهم تقاطعاتها السيطرة على منابع النفط بهدف إحكام الهيمنة على العالم كما في حالة العراق، واقترنت بأجندة دعم العدوان الإسرائيلي لتبقى إسرائيل مسيطرة في المنطقة ، ورأس حربة لتنفيذ الأجندة الأميركية.

وعلى الرغم من كل الدمار والقتل الذي سببه هذا المشروع الاستعماري من الناحية الاقتصادية والنفسية والبيئية فإنه اليوم يشهد فشلاً كبيراً بدأ قبل العدوان الإسرائيلي على لبنان ، ونشهد تداعياته في العراق وأفغانستان .

لقد كرس هذا الفشل صوابية أن الشعب المقاوم لا يهزم .

تفرض هذه التحديات علينا مضاعفة الجهود في عملية الاصلاح والتنمية الوطنية التي تتسارع خطاها على مختلف المستويات بقيادة حكيمة من السيد الرئيس بشار الأسد ، وستزيدنا هذه التحديات تمسكاً بحقوقنا الوطنية والقومية ومبادئ السلام العادل والشامل وسيادتنا الوطنية

 

يشهد التعليم العالي والبحث العلمي عملية إصلاح شاملة تشمل مكوناته الأساسية وسياساته ، وتولي الحكومة السورية اهتماماً خاصاً بالتعليم العالي والبحث العلمي كأداة أساسية للتنمية الوطنية. وتنفذ برامج مختلفة بهدف تطوير واقعه من تحديثٍ للخطط وتطويرُ المناهج بما يسايرُ مستجداتِ العلومِ والتقانةِ الحديثة ، والارتقاءُ بالبحثِ العلمي وآلياتِه ومتطلباتِه ، وبمستوى أعضاءِ الهيئةِ التدريسية والباحثين ، وتنميةُ العلاقةِ التشاركيةِ بين المؤسسات  العلمية الوطنية والعالمية ، وتنفيذ خطط للتوسع الأفقي وتنويعِ التعليم والتأكيدِ على الاعتمادية ، عن طريق استحداثِ اختصاصاتٍ وافتتاحِ جامعات وكلياتٍ جديدة ، وأنماطِ تعليمٍ جديدة ، ووضع معايير جديدة للقبول الجامعي وتطوير واقع المعاهد المتوسطة والتطوير الفني .

السادةُ الأجلاء :

إن مؤتمرنا هذا أمام مسؤولياتٍ جسام ، وعليه مواجهتها بحكمةٍ وجرأةٍ واقتدار ، كما عليه رسم الاستراتيجيات الموضوعيةِ الممكنة للعمل العربي المشترك ، بما يحقق تطلعاتنِا المشروعة نحو مستقبل علمي أفضل لأبنائنا وأوطاننا. وكلُّنا أملٌ أن تكللَ جهودُنا بالنجاح، وأن نرى النتائجَ المأمولة تتحقق في مجتمعاتنا وأوطاننا.

ولا يفوتني في هذا المقام ، أن أتقدم بالشكر والاحترام إلى المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا ، ممثلةًَ برئيسها السيد الدكتور عبد الله النجار ، لمبادرتها في عقد هذا المؤتمرِ في ربوع سورية بلدِ كلِّ العرب . كما أتوجه بالشكر والتقدير لجميع الجهات والمؤسسات والمراكزِ البحثيةِ العلمية السورية والعربية ، التي أسهمت في الإعداد لهذا المؤتمر ودعمه ليكون على المستوى المأمول منه .

والشكرُ موصولٌ إلى كلِّ من أسهم في تنظيمِ هذا المؤتمر والإعدادِ له من إداريين في وزارة التعليم العالي ، وطلبةِ الجامعاتِ المتميزين .

وأجزلُ الشكرِ وأتمُّ التقديرِ والامتنان ، لقائدِ سوريةَ الحديثة ، سيادةِ الرئيس بشار الأسد على تفضله برعاية هذا المؤتمر العلمي العربي المتميز ، لأننا نرى في رعايته الكريمة هذه تعبيراً جديداً عن دعمه الثابت للعلم والعلماء ولدورهم الريادي والطليعي في تنمية مجتمعاتنا العربية.

 

وشكراً لكم

  

اقرأ أيضاً


إرسال لصديق

طباعة بدون صور

طباعة مع صور